فصل: من أقوال المفسرين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وأخرج ابن جرير عن الضحاك. مثله.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: الجبت الأصنام، والطاغوت الذي يكون بين يدي الأصنام، يعبرون عنها الكذب ليضلوا الناس.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: الجبت اسم الشيطان بالحبشية، والطاغوت كهان العرب.
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة قال: الجبت الشيطان بلسان الحبش، والطاغوت الكاهن.
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير قال: الجبت الساحر بلسان الحبشة، والطاغوت الكاهن.
وأخرج عن أبي العالية قال: الطاغوت الساحر، والجبت الكاهن.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال: كنا نحدث أن الجبت شيطان، والطاغوت الكاهن.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق ليث عن مجاهد قال: الجبت كعب بن الأشرف، والطاغوت الشيطان كان في صورة إنسان.
وأخرج عبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد وأبو داود والنسائي وابن أبي حاتم عن قبيصة بن مخارق. أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إن العيافة والطرق والطيرة من الجبت».
وأخرج رستة في الإيمان عن مجاهد في قوله: {ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلًا} قال: اليهود تقول ذاك، يقولون: قريش أهدى من محمد وأصحابه.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {أم لهم نصيب من الملك} قال: فليس لهم نصيب، ولو كان لهم نصيب لم يؤتوا الناس نقيرًا.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في الآية يقول: لو كان لهم نصيب من ملك إذن لم يؤتوا محمدًا نقيرًا.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طرق خمسة عن ابن عباس قال: النقير. النقطة التي في ظهر النواة.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس. أن نافع بن الأزرق سأله عن النقير؟ قال: ما في شق ظهر النواة، ومنه تنبت النخلة. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم. أما سمعت قول الشاعر:
وليس الناس بعدك في نقير ** وليسوا غير أصداء وهامِ

وأخرج ابن الأنباري في الوقف والابتداء عن ابن عباس. أن نافع بن الأزرق قال له: اخبرني عن قول الله: {فإذًا لا يؤتون الناس نقيرًا} ما النقير؟ قال: ما في ظهر النواة، قال فيه الشاعر:
لقد رزخت كلاب بني زبير ** فما يعطون سائلهم نقيرا

وأخرج ابن جرير وابن المنذر من طريق أبي العالية عن ابن عباس قال: هذا النقير، ووضع طرف الإبهام على باطن السبابة ثم نقرها. اهـ.

.تفسير الآية رقم (54):

قوله تعالى: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آَتَيْنَا آَلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآَتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا (54)}

.من أقوال المفسرين:

.قال البقاعي:

{أم} أي ليس لهم نصيب ما من الملك، بل ذلهم لازم وصغارهم أبدًا كائن دائم، فهم {يحسدون الناس} أي محمدًا صلى الله عليه وسلم الذي جمع فضائل الناس كلهم من الأولين والآخرين وزاد عليهم ما شاء الله، أو العرب الذي لا ناس الآن غيرهم، لأنَّا فضلناهم على العالمين- بأن يتمنوا دوام ذلهم كما دام لهم هم، ودل على نهاية حسدهم بأداة الاستعلاء في قوله: {على ما آتاهم الله} أي بما له من صفات الكمال {من فضله} حسدوهم لما رأوا من إقبال جدهم وظهور سعدهم وأنهم سادة الناس وقادة أهل الندى والبأس:
إن العرانين تلقاها محسدة ** ولن ترى للئام الناس حسادًا

وقد آتاهم الله سبحانه وتعالى جميع أنواع الملك، فإنه على ثلاثة أقسام: ملك على الظواهر والبواطن معًا، وهو للأنبياء عليهم الصلاة والسلام بما لهم من غاية الجود والكرم والرحمة والشفقة والشفاعة والبر واللطف التي كل منها سبب للانقياد، وذلك مع ما لهم بالله سبحانه وتعالى من تمام الوصلة؛ وملك على الظواهر فقط، وهو ملك الملوك؛ وملك على البواطن فقط، وهو ملك العلماء.
ولما ذمهم سبحانه وتعالى أولًا بالجهل ومدح النفس تشبعًا بما لم يعطوا، وذلك سبب لجميع النقائص، وثانيًا بأعظم منه: منع الحق من أهله بخلًا، وثالثًا بأعظم منهما: تمنى ألا يصل إلى أحد نعمة وإن كانت لا تنقصهم، فحازوا بذلك أعلى خلال الذم، وكانت المساوي تضع والمحاسن ترفع، تسبب عن هذا توقع السامع لإعلاء العرب وإدامة ذل اليهود وموتهم بحسدهم فقال: {فقد} أي فتسبب عن هذا وتعقبه أنَّا آتيناهم- هكذا كان الأصل، ولكنه أظهر للتنبيه على التوصيف الذي شاركوهم به في استحقاق الفضائل فقال: {آتينا} أي بما لنا من العظمة {آل إبراهيم} أي الذي أعلمناكم في كتابكم أنا أقسمنا له أنَّا نعز ذريته ونهديهم ونجعل ابنة إسماعيل حالًا على جميع حدود إخوته، ويده في جميع الناس ويده على كل أحد ويد كل به {الكتاب} أي الذي لا كتاب إلا هو لما له من الحفظ والفضل بالإعجاز والفصل {والحكمة} أي النبوة التي ثمرتها العمل المتقن بالعلم المحرر المحكم {وآتيناهم} مع ذلك {ملكًا عظيمًا} أي ضخمًا واسعًا باقيًا إلى أن تقوم الساعة. اهـ.

.قال الفخر:

في المراد بلفظ الناس قولان:
الأول: وهو قول ابن عباس والأكثرين انه محمد صلى الله عليه وسلم، وإنما جاز أن يقع عليه لفظ الجمع وهو واحد لأنه اجتمع عنده من خصال الخير ما لا يحصل إلا متفرقا في الجمع العظيم، ومن هذا يقال: فلان أمة وحده، أي يقوم مقام أمة، قال تعالى: {إِنَّ إبراهيم كَانَ أُمَّةً قانتا} [النحل: 120].
والقول الثاني: المراد هاهنا هو الرسول ومن معه من المؤمنين، وقال من ذهب إلى هذا القول: إن لفظ الناس جمع، فحمله على الجمع أولى من حمله على المفرد.
واعلم أنه إنما حسن ذكر الناس لإرادة طائفة معينة من الناس، لأن المقصود من الخلق إنما هو القيام بالعبودية، كما قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الجن والإنس إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56] فلما كان القائمون بهذا المقصود ليس إلا محمدا صلى الله عليه وسلم ومن كان على دينه كان وهو وأصحابه كأنهم كل الناس، فلهذا حسن إطلاق لفظ الناس وإرادتهم على التعيين. اهـ.

.قال ابن الجوزي:

وفي المراد بالناس هاهنا أربعة أقوال:
أحدها: النبي صلى الله عليه وسلم، رواه عطيّة، عن ابن عباس، وبه قال عكرمة، ومجاهد، والضحاك، والسدي، ومقاتل.
والثاني: النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وعمر، روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
والثالث: العرب، قاله قتادة.
والرابع: النبي، والصحابة، ذكره الماوردي. اهـ.

.قال أبو السعود:

{أمْ يَحْسُدُونَ الناس} منقطعةٌ أيضًا مفيدةٌ للانتقال من توبيخهم بما سبق إلى توبيخهم بالحسد الذي هو شرُّ الرذائلِ وأقبحُها لاسيما على ما هم بمعزل من استحقاقه، واللام في الناس للعهد والإشارةِ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، وحملُه على الجنس إيذانًا بحيازتهم للكمالات البشريةِ قاطبةً فكأنهم هم الناسُ لا غيرُ لا يلائمه ذكرُ حديثِ آلِ إبراهيمَ فإن ذلك لتذكير ما بين الفريقين من العلاقة الموجبةِ لاشتراكهما في استحقاق الفضلِ، والهمزةُ لإنكار الواقعِ واستقباحِه فإنهم كانوا يطمعون أن يكون النبيُّ الموعودُ منهم فلما خصَّ الله تعالى بتلك الكرامةِ غيرَهم حسدوهم أي بل أيحسُدونهم {على مَا ءاتاهم الله مِن فَضْلِهِ} يعني النبوةَ والكتابَ وازديادَ العزِّ والنصرِ يومًا فيومًا. اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {أَمْ يَحْسُدُونَ} يعني اليهود.
{الناس} يعني النبيّ صلى الله عليه وسلم خاصّةً، عن ابن عباس ومجاهد وغيرهما.
حسدوه على النبوّة وأصحابَه على الإيمان به.
وقال قتادة: الناس العرب، حسدتهم اليهود على النبوّة.
الضحاك: حسدت اليهود قريشًا؛ لأن النبوّة فيهم.
والحسد مذموم وصاحبه مغموم.
وهو يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب؛ رواه أنس عن النبيّ صلى الله عليه وسلم.
وقال الحسن: ما رأيت ظالمًا أشبه بمظلوم من حاسد؛ نَفَس دائم، وحزن لازم، وعَبرة لا تنفد.
وقال عبد الله بن مسعود: لا تُعادُوا نِعم الله.
قيل له: ومَن يعادي نِعم الله؟ قال: الذين يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله، يقول الله تعالى في بعض الكتب: الحسود عدوّ نعمتي متسخط لقضائي غيرُ راضٍ بقسمتي.
ولمنصور الفقيه:
ألاَ قُلْ لمن ظَلّ لي حاسدا ** أتدرِي على مَن أسأتَ الأدَبْ

أسأتَ على اللَّه في حكمه ** إذا أنتَ لم ترض لي ما وَهَبْ

ويقال: الحسد أوّل ذنب عُصي الله به في السماء، وأوّل ذنب عُصي به في الأرض؛ فأما في السماء فحسَدُ إبليس لآدم، وأما في الأرض فحسدُ قابِيلَ لهابيلَ.
ولأبي العتاهية في الناس:
فيا ربِّ إن الناس لا ينصفونَنِي ** فكيف ولو أنصفتُهم ظلَمونِي

وإن كان لي شيءٌ تصدَّوْا لأخذه ** وإن شئتُ أبغِي شيئَهم منعوني

وإن نالهم بذْلي فلا شُكرَ عندهم ** وإن أنا لم أبذُلْ لهم شتمُونِي

وإنْ طَرقَتْنِي نكبةٌ فكِهُوا بها ** وإن صَحِبتني نعمةٌ حسدوني

سأمنع قلبي أن يَحنّ إليهمو ** وأحجب عنهم ناظري وجُفونِي

وقيل: إذا سَرّك أن تسلم من الحاسد فغَمَ عليه أمرك.
ولرجل من قريش:
حسدوا النعمةَ لما ظهرتْ ** فرموها بأباطيل الكَلِمْ

وإذا ما الله أسدَى نعمة ** لم يَضِرْها قولُ أعداء النِّعَمْ

ولقد أحسن من قال:
اصبر على حسدِ الحسو ** د فإن صبرك قاتلُه

فالنار تأكل بعضها ** إن لم تجد ما تأكُله

وقال بعض أهل التفسير في قول الله تعالى: {رَبَّنَا أَرِنَا اللذين أَضَلاَّنَا مِنَ الجن والإنس نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الأسفلين} [فصلت: 29].
إنه إنما أراد بالذي من الجنّ إبليس والذي من الإنس قابيل؛ وذلك أن إبليس كان أوّل من سنّ الكفر، وقابيل كان أوّل من سنّ القتل، وإنما كان أصل ذلك كله الحسد.
وقال الشاعر:
إن الغُرابَ وكان يمشي مشيةً ** فيما مضى من سالف الأحوالِ

حسد القَطاةَ فَرَامَ يمشِي مشيَها ** فأصابه ضربٌ من التّعقالِ.

. اهـ.